
فهم سلوك النحل
جدول المحتويات
سلوك النحل عند درجات الحرارة المختلفة
تفتقد النحلة القدرة على تنظيم درجة الحرارة في جسمها،ولذلك فإن ارتفاع أو انخفاض درجة الحرارة عن معدل (38 درجة م – 10 درجة م) فيؤدى ذلك للتأثير على نشاط النحل وفقده للحركة.فعندما تنخفض درجة الحرارة يلجأ النحل إلى تنظيم درجة الحرارة داخل الخلية.حيث يتكور النحل في الخلية على الأقراص الفارغة وبين الأقراص مكوناً كتلة اسطوانية الشكل،وإذا كانت الدرجة حوالى 8 – 10 درجة م فيتجمع النحل على الجزء الأمامى من الخلية،ومع انخفاض درجات الحرارة يتحرك إلى مؤخرة الخلية ويصبح متماسكاً بشدة ليحفظ الحرارة مع ترك الحرية داخل الكرة لحركة النحل بحيث يسبب توليداً للطاقة عن طريق اهتزاز بعض أجزاء أو كل جسمه،وبهذه الطريقة تصل درجة الحرارة داخل الكورة إلى حوالى 35 م . بينما فى الخارج حوالى 8 درجة م.وفى حالة ارتفاع درجة الحرارة فى الخلية إلى أكثر من 38 م فيتجمع النحل خارج الخلية وعلى الجدران بدون عمل غير تحريك أجنحتها حركات سريعة لعمل تيار من الهواء ليخفف الحرارة داخل الخلية.
الظواهر الخاصة في سلوك النحل
كشفت الدراسات والتجارب التي أجريت على النحل لعشرات السنين عن بعض الظواهر التي تميّز النحل عن غيره من الحشرات الأخرى، وتكـاد هـذه الظواهر تنسلخ على كافة أنواع النحل أو سلالاته مهما تعددت، وإن كان بعضها يبدو أكثر إيجابية أو سلبية في سلالة دون أخرى، مما يمكّن النحال في نهاية الأمر إلى اتخاذ قرار صائب في تربية الأصناف الممتازة، واجتناب الأصنـاف والسلالات التي تكثر فيها الظواهر الرديئة، التي تجهد النحال، ولا تعود عليـه بالإنتاج الوفير.ومن الظواهر التي اكتشفت في سلوك النحل:
1- الدفاع عن المكان والمسكن والتعلق بهما
يدافع النحل عن مسكنه دفاعاً يشتد أو يضعف حسـب وضـع الطائفـة الاقتصادي المتمثل في تخزين العسل وحبوب اللقاح، ثم وضع الملكة الصحي وإنتاجها للبيض، ثم حالتها العامة من قوة أو ضعف.والخلية القوية بعدد أفراد طائفتها تكون أكثر شراسة في الدفاع عن مسكنها،والتضحية بالنفس من أجل تحقيـق الأمـن والسلامة لهذا المسكن.كما يعتمد هذا على نوع النحل، فمنـه الشـرس ومنـه الهادئ. لكن النّحل في كل الأحوال والأنواع لا يسمح لأحد أن يعبث بخليتـه، أو يزعجها بأحدث الأصوات المزعجة، أو يقتحم عليه هدأته وطمأنينته بأي حركـة تثيره، أو تخيفه، أو تهدد حياته، حتى ولو كانت نحلة عاملة من خلية أخرى، فإنه لا يسمح لها بدخول خلية غيرها، ومن اليسير على القائمات بالحراسة عند بـاب الخلية أن يكتشفن أن هذه النحلة من طائفة أخرى، بمجرد اقترابها من المدخـل واشتمام رائحتها، تلك الرائحة الخاصة التي تفرزها العاملات من غددهن المسماة بغدد “ناساناف”.
ولكي يتجنب النحال خلاياه الاقتتال، فعليه أن يترك مسافة مناسبة بيـن الخلية والأخرى تقارب المترين، ومن الممكن أيضاً طلاء الخلايـا المتجـاورة بألوان مختلفة، لمنع الالتباس في الخلية خاصة في الظروف الجوية غير العاديـة وأخص منها الأيام التي تكثر فيها الزوابع المثيرة للغبار أو التي يغطـي فيـها الضباب سطح الأرض، لأن اقتحام نحلة من طائفة ما لخلية طائفة أخرى يعنـي موتها، أو قتل من تحاول منعها من الدخول.لكن هذا الاقتتال لا يكون في الحقول، أو على الأزهار عند جمع الرحيق وحبوب اللقاح، مما يشير بوضوح إلى تعلق النحل بمكانه والاستماتة في الدفـاع عن خليته.وقد ثبت بالتجربة العملية أن النحلة عندما تصبح يافعة فإن أول ما تقـوم به هو تنظيف العين التي نشأت فيها وترعرعت من كل القشور الناتجـة عـن الانسلاخات، التي رافقت تطورها، وتكون أشد تعلّقـاً مـن غيرهـا بالمكـان والمسكن، فهي لا تغادر الخلية إلاّ لرمي الفضلات بعيداً عن الخلية، ثم تعود إليها فور الانتهاء من ذلك، وقد تقوم بالعناية بأخواتها ممن هن في طور اليرقة.
افراد النحل وعلاقتهم بالخلية
- النحل العامل: النحلة اليافعة عندما يصبح عمرها سـتة أيـام تبـدأ غددها البلعومية بفرز الغذاء الملكي اللازم لتغذيـة الملكـة،وتغذيـة البرقات الأخرى، ويستمر هذا الإنتاج الوافر من الغذاء الملكي حتى يصبح عمرها اثنا عشر يوماً، فتترك العمل في حضانة وتغذية الملكة والبرقات وتنتقل بالغريزة للعمل خارج الخلية في جلب الرحيق، وحبوب اللقاح، وإحضار الماء.
- الذكور: أما الذكور فإن تعلقهم بالمكان، وبالمسكن أقل بكثير من العاملات، لأنـهم ينتقلون من خلية لأخرى كيفما شاءوا، وسمحت لهم مداخل الخلايـا التـي قـد تضطرهم لعدم الدخول بسبب فتحاتها التي قد تضيق على أجسادهم، أما العاملات فلا يستطعن تمييز الذكر من خليتهم عمن سواه، لأنه لا رائحة لهم وليس لديـهم غدد ناسانوف التي تنتج تلك الرائحة.
- الملكات: الملكة عادة لا تخرج من الخلايا إلاّ في حالتين الأولى، قبل التطريد بأيام قليلة، لتتعرف على بيئة المنطقة، أو لاختيار المكان المناسب،والثانية عند خروجها للتلقيح.
كيف يميز النحل خليته؟
يحدد النحل بوضوح مكان خليته، حين يغدو منها أو يرجع إليـها عنـد سروحه إلى الحقل، ولا يخطئ موقعها ما دامت فيه، ويستدل على ذلك بعلامات مميزة يحددها بالرؤية، كالأماكن الخاصة والألوان والأشجار والمسافات، أو مـن خلال توجيه ضوئي تحدده أشعة الشمس المنسكبة على جسم الخلية.حيث يعكس زاوية بين الخلية ومصدر الشمس عند الخروج ليعود إليها بنفس الزاوية.
هذه الظاهرة تفرض على النحال أن يتجنّب تغيير موقع الخلية، أو حتـى زحزحتها من مكانها لمسافة تزيد عن متر أو حتى تغير اتجاه بابها، خاصة عنـد سروح النحل إلى الحقول، لكي لا يضطر النحل إلى البحث عن موقـع خليتـه الجديد، وقد لا يستطيع العثور على خليته فيتوه، وقد يضطر إلى الدخـول إلـى الخلايا الأخرى فيقتتل مع نحلها، فيقتل أو يُقتل.وقد تتجمع مئات العاملات العائدات من الحقل حول مكان المدخل القديـم للخلية ولا تستدل على موقع المدخل الجديد إلاّ بعد جهد كبير رغم كون الخليـة في مجال الرؤية العينية.
ولو تم نقل الخلية ليلاً لمسافة (5-7)كم وأغلقت ليومين أو ثلاثة ثم فتـح بابها وخرجت العاملات منها فإنهن لا يرجعن إليها، وإنما يرجعن إلـى موقـع الخلية الأصلي، في المنحل القديم. ولا يمكن السيطرة على هذا الوضع إلاّ بإعادتهن إلى صندوق الخلية في المكان القديم أيضاً بمجرد وضع الصندوق.
2- الظاهرة الضوئية
يعتمد النحل في نشاطه على الضوء اعتماداً شبه كلي، فهو يبـدأ عملـه خارج الخلية عند شروق الشمس، وينتهي منه عند غروبها، ويزيد الليل من تعلق النحل بمكانه ومسكنه، فلا يغادر الخلية إذا حل الظلام، وهذا يفيد النحّـال في إجراء بعض عمليات النحالة أثناء ساعات الليل، كإدخال الملكات الجديدة، ونقل الخلايا من مكان إلى آخر، شريطة أن لا تقل المسافة عن ثمانية كيلومـترات، وإلاّ رجع النحل إلى مكانه الأصلي بمجرد أن تفتح له أبواب الخلية.
3- السلوك الغذائي للنحل
ذكرنا في ظاهرة تعلّق النحل بسكنه ومكانه، أن النحلة اليافعة تقوم بفـرز الغذاء الملكي من غددها البلعومية لتغذية الملكة، وتغذية الحضنة سواء كانوا ذكوراً أم نحلات عاملة، أم ملكات “يرقات” والحقيقة التي أجمعت عليـها كـل التجارب أن غذاء “يرقات” الملكات به كمية أكبر من فيتامينات ب.كما أن نشاط العاملات في جلب الغذاء من الحقول يعتمد على قوة الخلية، وعدد العاملات المنتجات بها، كما يعتمد على قوة الملكة في وضـع البيض، وسلامة أعضاء الملكة وخلو الخلية من الأمراض والأوبئة، لذا فإن على النحال أن يوفر القوة والمنعة لكل خلية من خلايا منحله، بشتى السبل الممكنـة،ولو أدى ذلك إلى تقليص عدد خلايا منحله إلى النصف، بعد إجراء عمليات ضـم الخلايا للبعض، فذلك أجدى له من أن تظل خلاياه كثيرة، لكن إنتاجها هزيـل ولا يحقق له الربح المالي كنتيجة متوقعة لزيادة إنتاج خلاياه من العسل.