التطريد الطبيعي للنحل هو ظاهرة طبيعية تحدث لأسباب مختلفة، لكنها تسبب الكثير من المشاكل والمضار للنحل والنحال. لذلك، على النحال أن يكون على دراية بأسباب ومظاهر وطرق منع أو تقليل التطريد، وأن يتصرف بجديّة وحكمة عند حدوثه. فبذلك يحافظ على صحة وإنتاجية خلاياه، ويرفع من جودة وكمية منتجاته.
اضرار التطريد الطبيعي للنحل
التطريد الطبيعي هو ظاهرة تحدث عندما تخرج الملكة القديمة من الخلية مصحوبة بجزء كبير من العاملات، وتبحث عن مكان جديد للاستقرار. هذه الظاهرة تسبب العديد من المشاكل والمضار للنحل والنحال، وفيما يلي بعض منها:
- تعرض الملكة القديمة للخطر: خروج الملكة القديمة في جيش من العاملات يجعلها هدفاً سهلاً للأعداء المفترسين، مثل طير الوروار الذي يتخصص في اصطياد ملكات النحل.كما ان خروج الملكة القديمة قد يؤدي إلى سقوطها على الأرض بسبب ثقل جسمها المحمّل بالبيوض، وفي حال فقدان الملكة، تضمحل الخلية وتزول، إلا إذا تدخّل النحال بسرعة وزودها بملكة جديدة ملقحة.
- هلاك عدد كبير من العاملات: التطريد يؤدي إلى موت مئات من العاملات الكبيرات في السن، سواء بسبب التعب أثناء الطيران أو بسبب هجوم الأعداء.كما يؤثر سلباً على نشاط وإنتاجية العاملات، فهن يتوقفن عن جمع وتخزين الغذاء قبل وأثناء التطريد، ويهملن رعاية الحضنة، ويستهلكن مخزونهن من العسل وحبوب اللقاح لإعداد خلايا الملكات وإنتاج شمع جديد.
- إزعاج وإرباك مربي النحل: التطريد يضطر مربي النحل إلى متابعة حثيثة لخلاياه، وبذل جهد كبير في إعادة ضبط وتوزيع خلاياه، مما يؤخّر أعماله ويضيّع وقته وجهده.وقد يسبّب خوفاً وقلقاً لأهالي المنطقة أو المزارعين أو حيواناتهم، إذا استقرّت طائفة من النحل على شجرة أو عرش في أحد المنازل أو المزارع. هذا يحرج النحال وقد يجبره على دفع تعويضات أو تحمُّل مسؤولية قانونية.
- اختلاف التوازن بين الخلايا وانتشار الأمراض: التطريد يسهم في حدوث اختلاف في التوازن بين الخلايا، فبعضها يضعف وبعضها يزداد قوة، وهذا قد يؤدي إلى حدوث ظاهرة السرقة بين الخلايا. هذه الظاهرة تعتبر من أهم عوامل نقل الأمراض والأوبئة من الخلايا المصابة إلى الخلايا السليمة، مما ينشر الوباء ويهدد بخراب المنحل.وقد يسبب فقدان الطائفة نهائياً، إذا خرجت من الخلية إلى مكان مجهول، أو إذا لم يستطع النحال إعادتها إلى خليتها بالطرق المعروفة. هذا يسبب خسارة كبيرة للنحال وانخفاض في إنتاج العسل وغذاء الملكات.
- زيادة احتمالية حدوث التطريد: التطريد قد يؤدي إلى ظهور ظاهرة تسمى “حمّى التطريد”، وهي عبارة عن عدوى تنتقل من خلية لأخرى، تجعلها تميل إلى التطريد. هذه الظاهرة قد تشمل جميع خلايا المنحل أو معظمها، مما يزيد من مضار التطريد.كما قد يؤدي التطريد إلى خراب المنحل بكامله، وانعدام الإنتاج من العسل وغذاء الملكات، إذا أهمل النحال متابعة خلاياه وإجراء التدابير اللازمة لمنع أو تقليل التطريد.
الأسباب المشجعة للتطريد الطبيعي للنحل
هذه الظاهرة تحدث لأسباب مختلفة، قد تكون طبيعية أو ناتجة عن إهمال أو خطأ من المربي. وفيما يلي بعض من هذه الأسباب:
- الميل الغريزي لبعض السلالات: هناك بعض سلالات النحل التي تميل إلى التطريد دون حاجة إلى دوافع خارجية، وهذا يظهر في كثرة بناء بيوت الملكات على براويز الحضنة.على المربي أن يتفقد خلاياه باستمرار، وأن يقص هذه البيوت التي تحتوي على يرقات الملكات، وأن يستغلها في إنتاج غذاء ملكي أو ملكات جديدة، أو أن يتخلص منها إذا لم يحتاج إليها.
- الإصابة بدودة الشمع: دودة الشمع هي حشرة تتغذى على شمع الخلايا، وتسبب في تخريب الأقراص الشمعية وسقوط البيض واليرقات من نخاريبها.هذا يؤثر سلباً على نشاط الملكة والعاملات، ويحفزهن على مغادرة الخلية بحثاً عن مكان أفضل.على المربي أن يحارب دودة الشمع بالطرق المتاحة، وأن يمنع دخولها إلى خلاياه.
- إهمال المربي في الكشف على الخلايا: المربي مسؤول عن رعاية خلاياه وتزويدها بالغذاء والماء والظل والتهوية، وأن يتابع نموها وإنتاجها.إذا أهمل المربي هذه المسؤولية، فقد يتسبب في حدوث مشاكل تؤدي إلى التطريد، مثل فقر الخلية، أو قلة مصادر الرحيق في المراعي، أو عدم توفير المشارب.لذلك على المربي أن يستخدم ذوي الخبرة والمعرفة في شؤون النحل وتربيته، وأن يعتمد عليهم في كثير من الأمور التي يصعب عليه القيام بها.
- ازدحام الخلية بالنحل والغذاء والحضنة: ازدحام الخلية يعني أن الملكة لا تجد مكاناً كافياً لوضع البيض، وأن العاملات لا تجدن مساحة كافية لتخزين الغذاء، وأن الحضنة تزداد بشكل مفرط.هذا يجعل الخلية غير مناسبة للعيش والتكاثر والإنتاج، ويدفع الملكة والعاملات إلى التطريد بحثاً عن مكان أوسع وأفضل.على المربي أن يوسع على خلاياه بإضافة براويز جديدة، وأن يتوازن بين حجم الخلية وعدد النحل وكمية الغذاء.
- ارتفاع درجة الحرارة: ارتفاع درجة الحرارة يؤثر على صحة وراحة النحل، ويقلل من قدرته على العمل والإنتاج، ويسبب في موت الحضنة.هذا قد يكون بسبب ظروف جوية سائدة، أو بسبب خطأ من المربي في استخدام غطاء خارجي غير مبطن أو مغلق جيداً.على المربي أن يوفر لخلاياه ظلالاً كافية، وأن يرشق الماء حولها أو على غطائها، وأن يتأكد من تهوية الخلايا بشكل جيد.
الإجراءات اللازمة لمنع التطريد الطبيعي للنحل
يجب على النحال اتخاذ بعض الإجراءات لمنع أو تقليل حدوث التطريد، وفيما يلي بعض من هذه الإجراءات:
- أول خطوة هي التعرف على أسباب وعوامل التطريد، والتي ذكرناها في الفقرات السابقة، والعمل على إزالتها أو التخفيف منها.من هذه الأسباب والعوامل: الميل الغريزي لبعض السلالات، والإصابة بدودة الشمع، وإهمال المربي في الكشف على الخلايا، وازدحام الخلية بالنحل والغذاء والحضنة، وارتفاع درجة الحرارة.
- ثاني خطوة هي اختيار سلالات غير ميّالة غريزيّاً للتطريد، والتي تتمتع بصفات جيدة مثل الهدوء والإنتاجية والمقاومة للأمراض.من هذه السلالات: النحل الإيطالي، والنحل المصري، والنحل المورسان.
- ثالث خطوة هي تقليل عدد الذكور في الخلايا التي تحتوي على ملكات قوية ومخصبة، ولا تحتاج إلى تقلُّح.هذا يوفر مساحة أكبر لوضع الملكة للبيض، ويقلِّص من استهلاك الغذاء، ويمنع من حدوث ازدحام في المدخل.يمكن التمييز بين بيوت الذكور وبيوت العاملات بشكلها المقبَّب، وبين الذكور والعاملات بشكلها المستدير.
- رابع خطوة هي تقوية الخلايا الضعيفة، التي قد تكون مستهدفة للسرقة أو المرض أو التطرُّد.هذا يمكن تحقيقه بإضافة براويز محتوية على نحل يافع أو حضنة أو عسل، أو بنقل الخلية إلى مكان أفضل، أو بإعطائها غذاء مكمِّل.
- خامس خطوة هي قسمة الخلايا القوية المهيأة للتطريد، والتي تظهر عليها مظاهر متعددة تشير إلى قرب وقت التطريد، مثل كثرة بناء بيوت الملكات أو ازدحام النحل في المدخل أو خروج النحل في جماعات.هذا يمكن تحقيقه بإخراج بعض البراويز المحتوية على نحل وحضنة وعسل، ووضعها في خلية جديدة، وإضافة ملكة جديدة ملقحة أو يرقة ملكة.
- سادس خطوة هي هز الأقراص المحتوية على النحل اليافع أمام مدخل الخلية، ليسقط النحل ويدخل إلى الخلية.هذا يشبع رغبة النحل في الخروج والدخول، ويغير من روتينه، ويوقف التطريد.
- سابع خطوة هي نقل بعض البراويز المحتوية على الحضنة من الحاضنة إلى العاسلة لمدة ساعة، واستبدالها ببراويز محتوية على عسل.هذا يشجع النحل المسؤول عن رعاية البراويز على الخروج إلى الحقول لجمع الرحيق، ويغير من روتينه، ويوقف التطريد. ثم يجب إعادة البراويز إلى مكانها بعد ساعة.
العناية بالخلية التي خرج منها طرد
عندما يحدث التطريد الطبيعي، تفقد الخلية الملكة وجزء كبير من العاملات، وهذا يضعفها ويجعلها غير مستقرة. لذلك، يجب على النحال اتخاذ بعض الإجراءات لإنقاذ الخلية وإعادة توازنها، وفيما يلي بعض من هذه الإجراءات:
- أول خطوة هي فتح الخلية بعد التدخين عليها لمدة ثلاث دقائق، لتهدئة النحل وتسهيل الكشف عليه.
- ثاني خطوة هي إخراج البراويز من داخل الخلية واحدًا تلو الآخر، ووضعها في صندوق آخر بجوار الخلية، لتسهيل رفعها والتفحص عليها.
- ثالث خطوة هي تدوين المعلومات التالية أثناء الكشف:
- عدد العاملات التقريبي على كل برواز.
- عدد البراويز التي تحتوي على حضنة أو بيوض أو حاصنات.
- عدد البيوت الملكية والذكور الموجودة في البراويز.
- رابع خطوة هي تحديد سبب التطريد، والذي قد يكون أحد الأسباب التي ذكرناها في الفقرات السابقة، مثل الميل الغريزي أو ازدحام الخلية أو ارتفاع درجة الحرارة.هذا يساعد في اتخاذ التدابير المناسبة لمنع تكرار التطريد في المستقبل.
- خامس خطوة هي تزويد الخلية بملكة جديدة، إما بإدخال ملكة جديدة ملقحة في صندوقها المعروف، أو بترك الأمر للنحل لإنتاج ملكة جديدة من برواز يحتوي على حضنة صغيرة أو من بيت ملكي موجود في البراوز.هذا يساعد في استقرار الخلية وإعادة نشاطها وإنتاجها.
- سادس خطوة هي ضم أو قسمة الخلية، حسب حالتها وقوتها.إذا كان عدد العاملات في الخلية قليلًا جدًًًّا، فيمكن ضمها إلى خلية أخرى أقوى، والاستفادة من الملكات الزائدة أو البيعها.اما إذا كان عدد العاملات في الخلية كبيرًا نسبيًًًّا، فيمكن قسمتها إلى خليتين، وإضافة ملكة جديدة لإحداهما.
No Comment! Be the first one.