تحتضن مصر تاريخًا طويلًا في تربية النحل وإنتاج العسل، حيث يعد العسل جزءًا مهمًا من التراث الزراعي والثقافي للبلاد. يتفاوت إنتاج العسل في مصر على مدار السنة بحسب مواسم حصاد العسل المختلفة، وذلك بفضل التنوع البيئي المميز والتأثيرات الموسمية على أنشطة النحل.ويتميز العسل المصري بجودته ونقاوته وتنوعه، فمصر تزرع محاصيل مختلفة تنتج أزهاراً تجذب النحل وتمدّه بالرحيق الذي يحوله النحل إلى عسل.
موسم الحصاد
موسم حصاد هو مفهوم شائع في انتاج المحاصيل الزراعية ،ويعني الوقت الذي يجني فيه المزارعون المحاصيل الزراعية بعد نضجها وجفافها، ويختلف موسم حصاد كل محصول حسب نوعه ومنطقة زراعته. عادة يكون موسم حصاد في بداية أو منتصف الصيف، ويحتفل الناس بهذا الموسم بالشكر والابتهاج لنعمة الغلال.وبما ان انتاج العسل يتوقف على انتاج مواسم تزهر المحاصيل الزراعية ،لذا فان عملية استخراج العسل من الخلايا بعد نضجه تسمى ايضاً عند النحال بإسم موسم حصاد العسل.فحصاد عسل النحل هو عملية قطف العسل من خلايا النحل بعد أن يكتمل نضجه ويغطيه النحل بطبقة رقيقة من الشمع.
تفتح الأزهار في مصر
الأزهار هي الأجزاء المزهرة من النباتات التي تنتج البذور، وهي مصدر الرحيق الذي يجمعه النحل لإنتاج العسل. تفتح الأزهار في مصر في مواسم مختلفة حسب نوع النبات والمنطقة والظروف المناخية. عادة تفتح الأزهار في مصر في فصلي الربيع والصيف، وتختلف أنواعها من منطقة لأخرى.كما هناك انواع من الأزهار تفتح في فصل الشتاء والخريف. بعض أمثلة الأزهار التي تفتح في مصر ،حسب فصول المناخ المختلفة:
- الربيع: في موسم الربيع، يزدهر النبات وتتفتح الأزهار، مما يؤدي إلى إحداث انفجار في نشاط النحل وتجميع الرحيق. يبدأ موسم حصاد العسل في الأماكن الأكثر خصوبة مثل وادي النيل والمناطق الزراعية المزدهرة. تتواجد مجموعة متنوعة من الزهور والنباتات في هذا الموسم، منها زهورالموالح و اللوز والبرسيم والأزهار البرية، ويساهم تنوع النباتات في توفير مجموعة متنوعة من الألوان والنكهات للعسل المنتج.
- الصيف: مع وصول فصل الصيف، يواجه النحل تحديات جديدة مثل ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه. يتعامل النحل مع هذه التحديات من خلال تحسين تهوية الخلايا وتبريد الخلية بالماء. يكون إنتاج العسل في هذا الموسم أقل نسبيًا نظرًا للظروف الصعبة وقلة توافر المصادر الغذائية.ومن الازهار التي تزدهر في فصل الصيف هي زهور البرسيم ،وعباد الشمس،واللافندر،والأكاسيا،والبردقوش.
- الخريف: في فصل الخريف، يبدأ النحل في تخزين العسل بكميات أكبر تمهيدًا لفصل الشتاء. تزداد أهمية جودة العسل المنتج في هذا الموسم حيث يجب أن يكون ذا تركيبة ومذاق ممتازين لتغذية المستعمرة خلال الشتاء. ينتقل النحل في هذا الموسم إلى مصادر غذائية مثل العرعر والزهور المختلفة.ومن الازهار التي تزدهر في فصل الخريف زهرة القطن،الزعفران،الشمندر.
- الشتاء: في فصل الشتاء، يصبح توفير الغذاء والحفاظ على درجة الحرارة داخل الخلايا أمورًا حاسمة. يتجه النحل إلى استهلاك العسل المخزن خلال فترة البرد والجفاف. يلجأ النحل إلى تجمعه داخل الخلية وتكوين كتلة للحفاظ على الحرارة، وتتم مراقبة الخلايا بدقة للتأكد من توفر الغذاء والحفاظ على شروط صحية للنحل.ومن الازهار التي تزدهر في فصل الشتاء زهرة البابونج،زهرة الخروب،المستكة،الميرامية،زهور بعض الموالح.
يتأثر إنتاج العسل بتغيرات الفصول والظروف الموسمية. يمكن لمزارعي النحل والمهتمين بالحفاظ على البيئة النحلية أن يستفيدوا من هذه الدورات الموسمية لتحقيق إنتاجية أعلى وتحسين جودة العسل المنتج، وذلك من خلال اتباع تقنيات رعاية ملائمة للنحل في كل موسم.
مواسم حصاد العسل بمصر
في مصر، يتوفر ثلاثة مواسم هامة من الفيض النحلي تختلف في توقيتها وكميات الرحيق المتاحة، مما يؤثر بدوره على نوع العسل الناتج. تأتي هذه المواسم كمراحل متتابعة ومهمة في حياة النحل وإنتاجه.
موسم فيض الموالح
هذا الموسم يُمثِّل أهمية كبيرة بسبب توافر مساحات واسعة من أشجار الموالح، خصوصاً في المناطق الشمالية من مصر. يبدأ تزهير هذه الأشجار في مارس وأبريل، وذلك بناءً على الظروف الجوية المحيطة. يبدأ النحل بجمع رحيق الأزهار وتصنيعه ليتحول إلى عسل الموالح في أواخر شهر أبريل. يتميز هذا النوع من العسل بطعمه الفريد ورائحته العطرية المميزة التي تنعكس من الأشجار المختلفة.أزهار الموالح تفتح في شهر مارس وإبريل، وهي من مصادر عسل النحل في بعض المحافظات التي تزرع بها الموالح (البرتقال والليمون والجريب فروت)، والتي تفوح منها رائحة قوية تستقطب النحل.
موسم فيض البرسيم (النوارة)
في هذا الموسم، تكون نباتات البرسيم أو النوارة في ذروة تزهيرها خلال شهر مايو من كل عام. يكون عسل البرسيم متوفرًا للجمع والإنتاج في شهر يونيو. يتميز هذا النوع من العسل بلونه الفاتح وطعمه اللطيف، وهو يحتوي على خصائص غذائية متميزة.يبدأ في شهر مايو وينتهي في شهر يونيو، ويتم فيه جمع رحيق نباتات البرسيم المزروعة لإنتاج التقاوي (برسيم الرباية)، والتي تزهر بشكل كثيف وتجذب النحل برائحتها العطرة.وهي من أشهر مصادر عسل النحل في مصر، حيث يعد عسل البرسيم من أجود أنواع العسل.
موسم فيض القطن
يُعتبر موسم القطن موسمًا هامًا لجمع الرحيق وإنتاج العسل في مصر.يمتد موسم فيض القطن من منتصف يونيو حتى أواخر شهر أغسطس. يبدأ في منتصف يونيو ويستمر حتى أوائل سبتمبر ويقطف العسل في شهر أغسطس، ويتم فيه جمع رحيق زهور القطن التي تزرع في مصر بكثرة، والتي تفرز رحيقاً غنياً بالسكر،وتحويله إلى عسل القطن. هذا العسل يتميز بقوامه الكثيف ونكهته المميزة، حيث يتميز عسل القطن بطعمه الحامض نسبياً.
وبجانب هذه المواسم الرئيسية، هناك مصادر أخرى للرحيق في مصر تُمكِّن النحل من إنتاج كميات محدودة من العسل. يشمل ذلك عسل البردقوش والخليط من النباتات الطبية مثل الكسبرة، الينسون، الكراوية، والشمر،حبة البركة. هذه المصادر تضيف تنوعًا إلى المنتجات النحلية المحلية.
كيفية إنتاج العسل
إنتاج العسل يبدأ بإعداد المستعمرات التي تضم الملكة والشغالات والطرود، وتغذية المستعمرات بالمحاليل السكرية قبل حلول مواسم الفيض بـ 30-40 يوماً لتنشيط نشاط جمع الشغالات. ثم يضاف إلى صندوق التربية صندوق آخر يسمى صندوق التخزين أو العاسلة، يحتوي على أقراص شمعية فارغة تستخدم لتخزين العسل، كما يضاف حاجز للملكة لضمان عدم صعودها إلى صندوق التخزين. عند اكتمال نضج العسل في صندوق العاسلة، يقطف من قبل النحال بعد تدخين النحل لإبعاده عن الأقراص، وينقل إلى مكان خاص يسمى بيت العسل، حيث يتم فرز العسل بواسطة آلات خاصة تسمى فراز العسل أو مقشطات أو عصارات. بعد ذلك يتم تصفية العسل من الشمع والشوائب وتعبئته في عبوات نظيفة ومحكمة الإغلاق لبيعها.
No Comment! Be the first one.