العسل هو أحد أكثر المواد الطبيعية روعة وفوائدًا التي أهدتها لنا الطبيعة. إنه سائل لزج ذو لون وطعم رائع، وهو مصدر طبيعي للطاقة والمغذيات القيمة. يُصنَع العسل من رحيق النباتات الذي يتم جمعه عن طريق نحل العسل وتخزينه في الخلايا. عندما يكتمل التحويل الكيميائي للرحيق داخل غدد النحل إلى عسل، يقوم نحل العسل بتغطية الخلايا المملؤة بالعسل بطبقة من الشمع لحفظها وحمايتها.لكن كيف يتم استخراج العسل من الشمع ؟.في الحقيقة هناك طرق عديدة لفعل ذلك ،لكن عندما نتحدث عن انتاج العسل النقي الخالي من الشوائب ،فأن فراز العسل هو الحل خاصة لمربي النحل الهواة ،ولمصانع انتاج العسل الكبيرة.فراز العسل هي آلة ميكانيكية تستخدم لاستخراج العسل من اقراص الشمع دون إتلافه. تعتمد على مبدأ الطرد المركزي، الذي يجعل العسل يتدفق من الشمع بسبب القوة الدورانية. تساعد ماكينة فرز العسل في زيادة كفاءة إنتاج العسل والحفاظ على جودته ونقائه،وكذلك الحفاظ على الاقراص الشمعية دون تلف ،لإستخدامها لاحقا كـ أساس شمعي.
التاريخ
تم ابتكار فراز العسل واستخدامه لأول مرة فى فرز العسل في عام 1865 بواسطة الايطالي فرانز هروشكا.حيث كان يواجه صعوبة في عصر اقراص الشمع لاستخراج العسل منه ،وكان هذا الاختراع يهدف إلى حل مشكلة استخراج العسل بسهولة وجعلها أكثر فعالية.كان الفراز عبارة عن صندوقًا بسيطًا من الصفيح، مزودًا بقمع في الجزء السفلي لتجميع العسل،ويتم تثبيت الصندوق بواسطة حامل سلكي . ومع ذلك، كانت عملية فرز العسل بطيئة ووصعبة ،حيث تطلب الكثير من الجهد من النحال.لكن تم تطوير الأداة بعد فترة لتكون بالشكل الذي نعرفه اليوم .وهو حوض عميق دائري ،مزود بذراع خارجي متصل ميكانيكيا مع صندوق الاطارات المفتوح داخل الحوض.وهو صندوق شبكي مربع مفتوح داخل الحوض مقسم الى 3 اجزاء ،يوضع في كل جزء قرص العسل بالاطار الخشبي الخاص به .ومن ثم تدوير صندوق الاطارات يدويا بالذراع لأستخراج العسل النقي بعملية الطرد المركزي،مما أصبح الجهاز أكثر سهولة في الاستخدام ،وتم اجراء العديد من التطويرات فيه حديثاً فظهر الفراز الشعاعي ،والكهربائي.
بعد تقديم نماذج بمقياس للنسخ الثلاثة من جهاز الاستخراج في معرض الحشرات في باريس عام 1868، انتشرت الفكرة بسرعة في صناعة تربية النحل في جميع أنحاء العالم. تم تصنيع جهاز الاستخراج من قبل العديد من البائعين وبدأ بيعه في جميع أنحاء العالم، وأصبحت هذه التقنية الحديثة أساسًا لصناعة العسل بشكل فعال ومحسن.
أهمية فراز العسل
فراز العسل هي أحد أهم الأدوات التي يحتاجها مربي النحل لتحصيل العسل من خلايا الشمع. فبدون هذه الماكينة، يضطر المربي إلى استخدام طرق يدوية لفصل العسل عن الشمع، مثل التقطير أو الضغط أو التسخين. هذه الطرق تستغرق وقتًا طويلًا وتؤثر سلبًا على جودة وكمية العسل، كما تضيع كثير من الشمع، الذي يمكن إعادة استخدامه في بناء خلايا جديدة. بالإضافة إلى ذلك، تزيد هذه الطرق من احتمالية تلوث العسل بالشوائب أو المواد المضافة أو الميكروبات.
بالمقابل، يوفر فراز العسل طريقة سهلة وسريعة وفعالة لإخراج العسل من الشمع دون تغيير خصائصه أو خفض نسبة نقائه. تحافظ ماكينة فرز العسل على درجة حرارة مناسبة للعسل أثناء عملية الفصل، مما يحميه من التأكسد أو التبخير أو التغير في لونه أو رائحته أو طعمه. كما تحافظ ماكينة فرز العسل على سلامة خلايا الشمع، وتجنب كسرها أو تشققها، مما يسمح بإعادة استخدامها في دورات إنتاجية قادمة(الأساسات الشمعية).
أنواع فرازات العسل
تتوفر في الأسواق مختلف أنواع وأحجام وأشكال فرازات العسل، لتناسب احتياجات وإمكانات كل مربٍ للنحل. تختلف هذه الماكينات في مصدر الطاقة الذي تعمل به، وعدد الخلايا التي تستوعبها، وطريقة تثبيت الخلايا داخلها، وسرعة الدوران التي تصل إليها. بشكل عام، يمكن تصنيف فراز العسل إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
- فراز العسل اليدوي: هي الماكينات التي تعمل بالقوة البشرية، حيث يقوم المربي بتحريك مقبض أو عجلة لتدوير سلة الخلايا داخل الماكينة. هذه الماكينات رخيصة الثمن وسهلة الصيانة ولا تحتاج إلى كهرباء أو وقود لتشغيلها. لكنها تستغرق وقتًا طويلًا وتتطلب جهدًا كبيرًا لفصل كمية قليلة من العسل. كما أنها تحتوي على عدد محدود من الخلايا، وتصلح للمربين الهواة أو ذوي الإنتاجية المنخفضة.
- فراز العسل الكهربائي: هي الماكينات التي تعمل بالطاقة الكهربائية، حيث يقوم محرك كهربائي بتحريك سلة الخلايا داخل الماكينة. هذه الماكينات سريعة وفعالة ولا تتطلب جهدًا بشريًا لتشغيلها. لكنها تكون مكلفة نسبيًا وتحتاج إلى صيانة دورية وتعتمد على توفر التيار الكهربائي. كما أنها تحتوي على عدد متوسط من الخلايا، وتصلح للمربين المحترفين أو ذوي الإنتاجية المتوسطة.
- فرازات العسل التوربينية: هي الماكينات التي تعمل بالطاقة التوربينية، حيث يقوم مولد غاز أو بخار أو هواء بتوليد قوة دورانية عالية لسلة الخلايا داخل الماكينة. هذه الماكينات قوية وفائقة وتستطيع فصل كمية كبيرة من العسل في وقت قصير. لكنها تكون باهظة الثمن وتحتاج إلى خبرة وإشراف في استخدامها وصيانتها. كما أنها تحتوى على عدد كبير من الخلايا، وتصلح للمؤسسات أو المزارع أو ذوى الإنتاجية العالية.
كيف تعمل ماكينة فرز العسل؟
عملية فرز العسل تبدأ بفصل الإطارات النحل من الخلايا ونقلها إلى وحدة المعالجة. ثم تتم إزالة الشمع الموجود على سطح الإطارات باستخدام سكين القشط. بعد ذلك، تدخل الإطارات المعدة إلى غرفة التحبيب حيث تتم عملية التحبيب وإزالة الشوائب من العسل الخام. تتم هذه العملية عن طريق دوران الإطارات بسرعة عالية، مما يجعل الشوائب الثقيلة تترسب على جوانب الغرفة ويتم جمعها لاحقًا،ويسيل العسل اسفل حوض الفراز بعد مروره بشبكة التصفية ،ليتم تعبئه وبيعه.
فائدة فراز العسل
اعتماد التكنولوجيا في فرز العسل يجلب العديد من الفوائد لمنتجي العسل والمستهلكين على حد سواء. من بين هذه الفوائد:
- جودة عالية ونقاء: يضمن استخدام ماكينة فرز العسل أن يكون العسل الناتج خالٍ من الشوائب والأجسام الغريبة، مما يضمن جودة عالية للمنتج النهائي.
- زيادة الإنتاجية: تساعد ماكينة فرز العسل في زيادة إنتاجية مربي النحل، حيث تقلل من الوقت والجهد المطلوب لتنظيف وتحضير العسل للتعبئة.
- تحسين التسويق: يمكن أن يكون العسل الناتج من ماكينة فرز العسل مُعبأً بشكل أكثر جاذبية واحترافية، مما يساعد على تحسين التسويق وزيادة قيمته التجارية.
- استدامة بيئية: يمكن أن تُعَدَّ ماكينة فرز العسل استثمارًا مستدامًا، حيث يتم تقليل الفاقد والهدر في عملية إنتاج العسل وبالتالي تقليل التأثير على البيئة.
تُعتبر ماكينة فرز العسل نقلة نوعية في صناعة العسل، حيث تجمع بين التقنية الحديثة والتقاليد القديمة لإنتاج عسل نقي ولذيذ. تساهم هذه التقنية في تحسين جودة المنتج وزيادة الإنتاجية والاستدامة البيئية. إنها خطوة مهمة نحو تلبية احتياجات المستهلكين الذين يتطلعون إلى الحصول على عسل طبيعي وصحي يستمتعون بطعمه الرائع وفوائده الغذائية،وتسهيل العمل الشاق وتوفير الجهد الذي يبذله النحال في استخراج العسل.
No Comment! Be the first one.