كيفية تنفيذ مشروع النحل
مشروع النحل هو مشروع مربح ومفيد، يهدف إلى تربية النحل والاستفادة من منتجاته، مثل العسل والشمع وحبوب اللقاح والبروبوليس وغيرها. هذه المنتجات لها قيمة غذائية وعلاجية عالية، وتستخدم في العديد من الصناعات والمجالات. كما أن تربية النحل تساهم في حفظ التوازن البيئي، وزيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية، بفضل عملية التلقيح التي يقوم بها النحل.ولكن تربية النحل ليست بالأمر السهل أو البسيط، فهي تتطلب دراسة جيدة وخبرة عملية وإلمام بأساسيات علم النحالة. فالنحل كائن حي يحتاج إلى رعاية وعناية مستمرة، ويتأثر بالظروف المحيطة به، ويتفاعل معها. ولذلك، يجب على النحال أن يكون على دراية بصفات النحل وسلوكه وإنتاجه وأمراضه وطرق علاجه.
في هذا المقال، سنقدم لك بعض الخطوات العملية التي يجب اتباعها لتنفيذ مشروع النحل بنجاح. سنبدأ بشرح كيفية اختيار الموقع المناسب لإنشاء المنحل، ثم سنتطرق إلى كيفية تسوية النحل في الخلايا التي اخترتها، وأخيرًا سنتحدث عن كيفية اختيار السلالة الجيدة من النحل قبل الشراء. نأمل أن تستفيد من هذا المقال، وأن تتمكن من تحقيق حلمك في تربية النحل.
اختيار الموقع المناسب للمنحل
أول خطوة في تنفيذ مشروع النحل هي اختيار الموقع المناسب للمنحل. هذا الموقع يجب أن يكون مطابقًا لمتطلبات النحل من حيث المساحة والمصادر الغذائية والحماية والظروف البيئية. وقد تكلمنا عن هذه المتطلبات في مقال سابق. بعد اختيار الموقع، يقوم النحال أو عماله بإجراء بعض التجهيزات، مثل:
- حراثة أرض المنحل، وتسويتها بعد إزالة الحجارة منها، كي لا تشكل هذه الحجارة مخبأً للصراصير والحشرات الأخرى الفتاكة بالنحل.
- بناء المصاطب اللازمة لوضع الخلايا عليها، بحيث تكون مرتفعة عن سطح الأرض، ومستقرة، ومستوية، ومسافتها عن بعضها مترًا واحدًا على الأقل.
- عمل الأحواض اللازمة لزراعة بعض النباتات الزهرية التي يحبها النحل، والتي تتصف بالتزهير العالي، ووفرة الرحيق. ليتمكن النحل من التغذى عليها وتحويل رحيقها إلى عسل فيه شفاءً للناس. ومن هذه النباتات: البرسيم، والخروب، والزعفران، والخزامى، وغيرها.
- إقامة العرائش المسقوفة بأغصان الأشجار أو بأوراق البرسيم أو بأية مادة طبيعية كي تظلل على خلاياه صيفًا، وتحميها من حرارة الشمس. أو بناء غرف ذات سقوف عالية تمكن النحال من إجراء عمليات النحالة بسهولة، وتكون هذه الغرف مكانًا مناسبًا لتشتية الخلايا شتاءً.
- تخطيط الأحواض والخلايا بطريقة تسمح للنحال بالحركة بينها، وتفصل الأحواض بين الخلايا، حتى يتاح المجال للنحل في كل طائفة أن ينال قسطًا وافرًا من هذه الأزهار التي ستنبت في الأحواض.
تسوية النحل
بعد تجهيز الموقع، يقوم النحال بشراء النحل من مصدر موثوق، ويسويه في الخلايا التي اختارها. والتسوية هي عملية نقل النحل من عبوات الشحن إلى الخلايا الجديدة. وهذه العملية تتطلب بعض الإجراءات والاحتياطات، مثل:
- اختيار وقت التسوية في ساعات المساء، عندما يكون الجو هادئًا ومعتدلًا، والنحل هادئًا أيضًا.
- تجهيز الخلايا بشكل جيد، بإضافة شمع مسبق التشكيل أو شمع مسطح إلى الإطارات، وترك مسافة كافية بينها، وإغلاق فتحات التهوية.
- رش الماء على عبوات الشحن لتبريد النحل وتهدئته، وفتحها برفق، وإخراج إطارات الشمع منها.
- رش الماء على إطارات الشمع التي تحتوي على النحل، ووضعها في الخلايا الجديدة، مع مراعاة ترتيبها بنفس الترتيب الذي كانت عليه في عبوات الشحن.
- إزالة أية خلايا فارغة أو زائدة من الخلايا الجديدة، وإغلاقها بإحكام.
- ترك المنحل في هدوء لمدة يوم أو يومين، ثم فتحه لفحص حالة النحل والأمهات والشمع.
اختيار السلالة الجيدة من النحل
آخر خطوة في تنفيذ مشروع النحل هي اختيار السلالة الجيدة من النحل قبل الشراء. فالسلالة تؤثر بشكل كبير على صفات النحل وإنتاجه وسلوكه. وهناك عدة سلالات من النحل المتوفرة في العالم، ولكل سلالة مميزاتها وعيوبها. ومن أشهر السلالات التي يستخدمها النحالون هي:
- النحل الإيطالي: هو نحل ذو لون أصفر ذهبي، ويتميز بالهدوء والسلامة والإنتاجية العالية للعسل والشمع. ولكنه يستهلك كمية كبيرة من العسل في فصل الشتاء، ويعاني من مقاومة ضعيفة للأمراض والطفيليات.
- النحل الكارنيولي: هو نحل ذو لون رمادي داكن، ويتميز بالذكاء والنشاط والقدرة على التكيف مع المناخات المختلفة. ولكنه يتسم بالعدوانية والسرقة والتجول، ويحتاج إلى تغذية مستمرة.
- النحل القوقازي: هو نحل ذو لون رمادي فاتح، ويتميز بطول لسانه الذي يمكنه من جمع الرحيق من الزهور التي لا يستطيع غيره من النحل الوصول إليها. ولكنه ينتج عسلاً ذو لون داكن، ويستخدم شمعًا كثيرًا في بناء خلاياه، ويلزق بها بشدة.
- النحل المصري: هو نحل أصيل من مصر، ويتميز بقدرته على التحمل لدرجات الحرارة المرتفعة، وإنتاج عسلاً ذو جودة عالية. ولكنه يكون عدوانيًا جدًا في حالة الاضطراب، ويصاب بسهولة بأمراض مثل التدفق الأوروبي.
كيفية اختيار موقع مناسب لإنشاء منحل
إذا كنت ترغب في تربية النحل والاستفادة من منتجاته، فعليك أن تولي اهتماماً خاصاً لموقع المنحل الذي ستضع فيه خلاياك. فالموقع المناسب يؤثر بشكل كبير على صحة النحل وإنتاجه وسلوكه.هذه بعض الأمور التي يجب مراعاتها عند اختيار موقع مناسب لإنشاء منحل:
عدد الخلايا في المنحل
أول شيء يجب أن تحدده هو عدد الخلايا التي تريد وضعها في المنحل. هذا العدد يتوقف على عدة عوامل، منها:
- كثافة الأشجار المثمرة والأزهار في المنطقة التي تريد إنشاء المنحل فيها. فكلما زادت كثافة المصادر الغذائية للنحل، كلما استطعت زيادة عدد الخلايا دون أن تؤثر سلباً على إنتاجها.
- قدرتك على إجراء عمليات النحالة الأسبوعية، مثل فحص الخلايا وإزالة الشمع والعسل والطرود والأمهات والطفيليات والأمراض. فكلما قل عدد الخلايا، كلما تمكنت من العناية بها بشكل أفضل، وكلما زاد العدد، كلما قلت العناية، بسبب الإرهاق والتعب. وقد تبيّن عمليًّا أن النحال لا يستطيع إجراء تلك العمليات إلا على عدد محصور من الخلايا لا يزيد عن عشر خلايا يوميًّا. وهذا يعني أن بإمكان النحال أن يجري كشفًّا دوريًّا كل عشرة أيام على ما يعادل ثمانين خلية فقط. وإذا كان عدد خلاياه مائة خلية، فإن الإهمال في عشرين خلية منها قد تؤثر سلبًّا على بقية المنحل.
مساحة المنحل
ثاني شيء يجب أن تضعه في حسبانك هو مساحة المكان الذي ستضع فيه خلاياك. هذه المساحة يجب أن تكون مناسبة لعدد خلاياك، بحيث لا تضطر لتقريبها من بعضها إلى حد يسبب مشكلات، مثل:
- صعوبة التنقل بين الخلايا وإجراء العمليات المتعددة.
- بلبلة في طوائف النحل، فتتوه كل طائفة عن خليتها، وتدخل في خلية أخرى، فيكون مصيرها القتل. وحتى تمنع هذا الاقتتال الذي يؤدي في اشتداده إلى قتل الآلاف من العاملات، يجب أن تكون المسافة بين الخلايا على الأقل مترًا واحدًا.
- ظهور ظاهرة السرقة من خلية لأخرى، مما يجعل العاملات يعمدن إلى هذا العمل الدنيء، بدلاً من السروح إلى الحقول وجلب الرحيق وحبوب اللقاح. وهذه الظاهرة تزداد في فصول الجفاف والشحة، وتؤدي إلى تقليل إنتاجية المنحل.
- نقل أعراض المرض والوباء من خلية لأخرى بسرعة مذهلة، فيعم المرض وينتشر بصورة مأساوية. ولذلك، يجب أن تكون هناك مسافة كافية بين الخلايا لمنع انتقال العدوى.
موقع المنحل
ثالث شيء يجب أن تنتبه له هو موقع المنحل نفسه. هذا الموقع يجب أن يكون مناسبًا من حيث:
- بُعده عن المناحل الأخرى. فمن الضروري أن تقوم بالتجول في المنطقة قبل وضع خلاياك فيها، للتأكد من عدم وجود أية مناحل قريبة، وقد حددت المسافة المناسبة بألا تقل عن ثمانية كيلومترات. فإذا كان هناك منحل آخر قريب منك، فإن ذلك سيؤدي إلى منافسة شديدة بين طوائف النحل على المصادر الغذائية، وقد يؤدي إلى حروب دامية بينهم.
- مطابقته لمساحة الأرض المزروعة بما يفيد النحل. فإذا قدرت المساحة بخمسين فدانًا أو أربعمائة دونم، فإن العدد المناسب من الخلايا يكون أربعين خلية أو خمسين على الأكثر، وأن تكون تلك المساحة مغطاة بأشجار الفاكهة والأزهار الربيعية الأخرى. أما إذا كانت المساحة ذاتها مغطاة بمحاصيل القطن أو البرسيم، فإن بإمكانك أن تضع المائة خلية في موقع واحد. وإلا فمن المستحسن أ تضع خلاياك في أكثر من موقع، لزيادة نفعها وإغزار انتاجها.
- أن تكون أبواب الخلايا متجهة إلى الشرق الجنوبي، ليتمكن النحل من مشاهدة أشعة الشمس في اللحظات الأولى من إشراقها ليبدأ يوم عمله باكرًا. وعليه فإن السفوح الشرقية من الهضاب أو الروابي أو الجبال هي أماكن مناسبة في الغالب.
- أن لا يكون موقع المنحل خلف حاجز مائي أو سياج يعرقل عملك وحركتك من الخلايا وإليها. وأن لا يكون هذا الموقع قريبًا من الطرق السريعة أو الكثيفة المرور، أو خطوط سكك الحديد، كي لا يتعرض النحل إلى هذه المعوقات المرورية التي قد تتسبب في هلاكه أو إزعاجه.
- أن يكون هناك فضاء رحب أمام مدخل الخلايا، وأن تزال الأعشاب من تحت الخلايا ومن حولها كي لا تتمكن الحشرات الزاحفة من التسلق إلى الخلايا، والاعتداء على النحل أو نقل الأمراض والأوبئة.
- أن يكون الموقع في بيئة نظيفة، بعيدًا عن مصادر التلوث والروائح الكريهة، كالمصانع والمزارع والمطامر. فالتلوث يؤثر سلبًا على صحة النحل وجودة منتجاته.
No Comment! Be the first one.