الفرمونات هي مواد كيميائية تفرزها الحيوانات للتواصل مع بعضها البعض، وتؤثر على سلوك وفسيولوجيا الأفراد المستقبلين لها. النحل هو أحد أشهر الأمثلة على استخدام الفرمونات في التنظيم الاجتماعي والتعاون بين أفراد المستعمرة. في هذا المقال، سنتعرف على أنواع وأغراض وآليات الفرمونات عند النحل.
أنواع الفرمونات عند النحل
يمكن تصنيف الفرمونات عند النحل إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
- الفرمونات الملكية: هي التي تفرزها ملكة النحل من غدد فكية وبطنية، وتحمل رائحة خاصة تميزها عن باقي العاملات والذكور. هذه الفرمونات تؤثر على نمو وتطور وسلوك وإنتاجية العاملات، كما تمنعها من بناء خلايا ملكية جديدة أو توليد بيض. كذلك، تجذب هذه الفرمونات الذكور أثناء رحلة التزاوج.
- الفرمونات العاملية: هي التي تفرزها شغالات النحل من غدد مختلفة في أجزاء متعددة من جسدها، مثل غدة ناسانوف في الطرف البطني، أو غدة مانديبولار في الفك، أو غدة تارسال في القدم. هذه الفرمونات تستخدم لأغراض متعددة، مثل: جذب النحل إلى مصدر غذاء، أو إلى خلية جديدة، أو للدفاع عن الخلية من الأعداء، أو لتهدئة وترويض الخلية، أو لتحديد هوية وعمر ومهام كل نحلة.
- الفرمونات المستقبلية: هي التي تستقبلها شغالات النحل من مصادر خارجية، مثل: رائحة زهور معينة، أو رائحة خلايا مجاورة، أو رائحة حشرات أخرى. هذه الفرمونات تؤثر على اختيار وتفضيل شغالات النحل لأماكن جمع الغذاء أو بناء المستعمرة.
الفرمونات عند الحيوانات
توجد الفرمونات عند حيوانات أخرى غير الحشرات، ولكنها أقل شيوعاً وأقل دراسة.فيما يلي بعض الأمثلة على الفرمونات عند حيوانات أخرى:
- الثدييات: تستخدم بعض الثدييات الفرمونات لجذب الشريك المناسب أو لتحديد فترة التزاوج أو لإظهار الهيمنة أو لتحذير من الخطر. مثلا، تفرز القطط والكلاب والخنازير فرمونات من غدد تحت ذيلها لإشارة إلى جاهزيتها للتزاوج. وتفرز الأسود والدببة فرمونات من غدد في قدميها لإحداث خدش في التربة وترك علامات رائحة تحدد نطاقها. وتفرز بعض القوارض فرمونات من غدد في فكها أو صدرها لتحذير زملائها من وجود مفترس.
- الزواحف: تستخدم بعض الزواحف الفرمونات لجذب الشريك أو لإظهار الولاء أو لتحديد المجموعة. مثلا، تفرز بعض الثعابين فرمونات من غدد في جلدها لجذب الإناث أثناء موسم التزاوج. وتفرز بعض التماسيح فرمونات من غدد في فكها لإظهار التقارب مع شريكها أو صغارها. وتفرز بعض السلاحف فرمونات من غدد في رأسها لتحديد المجموعة التي تنتمي إليها.
- الطيور: تستخدم بعض الطيور الفرمونات لإظهار التآلف أو لتحديد المستعمرة أو لتحسين صحة صغارها. مثلا، تفرز بعض البطاريق فرمونات من غدد في رأسها أو عنقها لإظهار التآلف مع شريكها أو صغارها. وتفرز بعض الطيور المغارية فرمونات من غدد في جسدها لتحديد المستعمرة التي تعود إليها. وتفرز بعض الطيور المغذية فرمونات من غدد في حلقها لتحسين صحة صغارها عن طريق تغذية رائحة ريشها.
آليات استشعار وإطلاق الفرمونات عند النحل
الشغالات يستشعرون ويرسلون رسائل كيميائية باستخدام حاسة شم حساسة جدًّا. يقع في رأس كُل نحلة ما يُسمى بالجهاز الشمي، وهو عبارة عن مجموعة من الأعضاء الحسية التي تتلقى الفرمونات وتحولها إلى إشارات عصبية تنتقل إلى الدماغ.الجهاز الشمي يتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية:
- المستقبلات الشمية: هي خلايا عصبية متخصصة تحتوي على شعيرات حسية تبرز من سطحها. هذه الشعيرات تحمل بروتينات مستقبلة ترتبط بالفرمونات المحددة. المستقبلات الشمية توجد في أجزاء مختلفة من رأس النحلة، مثل: الأجنحة، والقرون، والفكوك، والأرجل.
- الغدد الشمية: هي غدد صغيرة تفرز سائلاً يغطي سطح المستقبلات الشمية. هذا السائل يساعد على حل الفرمونات وتسهيل ارتباطها بالبروتينات المستقبلة. الغدد الشمية توجد في نفس المواقع التي توجد فيها المستقبلات الشمية.
- العصبونات الشمية: هي ألياف عصبية تربط بين المستقبلات الشمية والدماغ. هذه العصبونات تنقل الإشارات الكهربائية التي تنتج عن ارتباط الفرمونات بالبروتينات المستقبلة إلى مركز شمي في دماغ النحلة. هذا المركز يقوم بتحليل وتفسير هذه الإشارات وإطلاق ردود فعل مختلفة.
أغراض وأثار الفرمونات عند النحل
الفرمونات عند النحل لها أغراض وأثار متعددة، تختلف باختلاف نوع وكمية وزمان ومكان إطلاقها. فيما يلي بعض الأمثلة:
- الجذب: بعض الفرمونات تستخدم لجذب أفراد من نفس أو جنس مختلف لغرض التزاوج أو التعاون. مثلا، ملكة النحل تفرز فرمونًا جذابًا للذكور أثناء رحلة التزاوج، والعاملات تفرز فرمونًا جذابًا لزميلاتها إلى مصادر غذاء جديدة أو خلايا جديدة.
- الإثارة: بعض الفرمونات تستخدم لإثارة أفراد المستعمرة للاستجابة لخطر محتمل أو فرصة مغرية. مثلا، عاملات الحراسة تفرز فرمونًا إثاريًا لزميلاتها للدفاع عن الخلية من هجوم حشرات أخرى. والعاملات العائدات من الحقول تفرز فرمونًا إثاريًا لزميلاتها للتوجه إلى مصادر غذاء غنية أو مهددة.
- التنظيم: بعض الفرمونات تستخدم لتنظيم نشاط ووظيفة أفراد المستعمرة بحسب الحاجة والظروف. مثلا، ملكة النحل تفرز فرمونًا تنظيميًا يحفز العاملات على إنتاج شمع وبناء خلايا، ويثبط إنتاج بيض من قبل العاملات. والعاملات تفرز فرمونًا تنظيميًا يحدد عمر ومهام كل نحلة في المستعمرة.
- التهدئة: بعض الفرمونات تستخدم لتهدئة وترويض أفراد المستعمرة وخفض مستوى التوتر والعدوانية. مثلا، العاملات تفرز فرمونًا تهدئيًا عند مص الزهور أو إطعام اليرقات أو التلاحم مع بعضها. هذا الفرمون يساعد على خلق جو من الانسجام والتآزر بين أفراد المستعمرة.
الفرمونات عند النحل هي لغة كيميائية تسمح له بالتواصل والتكيف مع بيئته المتغيرة. الفرمونات تلعب دورًا حاسمًا في التنسيق والتعاون والتكاثر بين أفراد المستعمرة. الفرمونات تؤثر على سلوك وفسيولوجيا النحل بشكل مباشر وغير مباشر، وتحدد مصير وسطوة المستعمرة.
No Comment! Be the first one.