ملكة النحل هي أهم فرد في خلية النحل، فهي المسؤولة عن إنتاج البيض والحفاظ على التوازن الجيني للمجتمع. لكن كيف تصبح ملكة؟ وما هي المراحل التي تمر بها في حياتها؟ في هذا المقال، سنتعرف على مراحل نمو ملكة النحل من البيضة إلى الحشرة الكاملة، وكيف تختار شريكها للتلقيح، وكيف تقوم بوضع البيض والإشراف على الخلية. سنتعرف أيضًا على بعض السمات والسلوكيات التي تميز الملكة عن باقي أفراد الخلية، والتحديات التي تواجهها في بقائها وتكاثرها.
مراحل نمو الملكة
نمو الملكة في مملكة النحل يتبع سلسلة من المراحل المحددة، وهذه المراحل تتضمن الاتي:
المرحلة البيضية
تضع الملكة الأم بيض ثلاث أو أربع ملكات، بيضة واحدة في كل بيت. تكون هذه البيضة بلون أبيض ناصع ولامع مع ميل خفيف إلى الصفرة. يكون طول هذه البيضة حوالي ثلاثة مليمترات. يمكن مشاهدتها قائمة بالعين المجردة، وملتصقة بقعر البيت لاحتوائها على مادة صمغية. في اليوم الثاني تميل هذه البيضة بزاوية 45 درجة، فيما تستقر في اليوم الثالث أفقيًا مع قعر البيت.
المرحلة اليرقية
في اليوم الرابع تفقس هذه البيضة، وتتكفل العاملات بتغذيتها غذاء ملوكيًا. كما تتعهد برعايتها وتوفير الجو المناسب لها. فإذا كان الجو باردًا دفأتها، وإذا كان الجو حارًا لطفته بحركات دؤوبة بأجنحتها. كما تقوم بحمايتها إلى أن تصبح يرقة. فتتوقف عن تناول الغذاء الملكي وتبدأ مرحلة جديدة من تطورها وهي غزل الشرنقة حول نفسها داخل بيتها الملكي. يغلق البيت من قِبَلِ العاملات بعد أن يزود بكمية مناسبة من غذاء الملكات. يستمر غزلها للشرنقة مدة تتراوح ما بين 24 ساعة و36 ساعة. ثم تخلد إلى الراحة لمدة تتراوح ما بين 36 ساعة إلى 48 ساعة داخل الشرنقة.
المرحلة الشرنقية
في اليوم الثاني عشر تدخل طور العذراء، لتخرج منه في اليوم السادس عشر وقد تحولت إلى حشرة كاملة. قد تهاجمها الملكة الأم في هذه المرحلة، وقد تكون قد هاجمتها وقتلتها وهي يرقة. وقد تقوم العاملات بحماية هذه الملكة الجديدة التي تبدأ بالحركة على الأقراص للتعرّف على الخلية من الداخل.
المرحلة التطيرية
فإذا التقت الملكة العذراء بالملكة الأم، فإنهما تتقاتلا ويلزم أن يبقى منهما أقوى. فإن نجحت الملكة الأم في قتلها فإن الأمور الداخلية والخارجية للخلية لا تتغير. أما إذا قتلت الملكة العذراء الملكة الأم فإن التطير سيكون محققًا. تجد الملكة العذراء نفسها في عزلة عن الوصيفات والعاملات اللواتي يمتنعن عن تقديم الغذاء الملكي لها بعد أن تعوّدت على أكله. مما يضطرها إلى ارتشاف العسل، والخروج من الخلية أكثر من مرة للتعرف على ما يحيط بخليتها من أماكن وأشجار وجبال. يستمر توترها الظاهر في حركاتها بعصبية على الأقراص لمدة أيام قليلة. لتبدأ بعد ذلك بالتهيؤ للتلقيح “التطير” وأحد علاماته ظهور ما يشبه التاج على رأسها. ثم تفرز رائحة خاصة تنتشر في كافة أرجاء الخلية من الداخل. يسمى هذا عطر الملكة العذراء. فتبدأ الوصيفات والعاملات بالتقرب منها وتتأجج الشهوة في ذكور الخلية. وتحاول الاقتراب من الملكة العذراء، لكنها تصدهم عنها. وتصدهم عنها العاملات التي تبدأ بتقديم الغذاء الملكي لها لمجرد نشرها لذلك العطر. الذي تتميز به هذه الخلية عن غيرها. كما تمتنع العاملات عن العمل خارج الخلية، استعدادًا لمرحلة عظيمة من مراحل النمو والتوالد والتكاثر المرتقبة. ونتيجة لذلك كله، ولاستعداد للتطير يكثر الدوي، ويسمع بوضوح خارج الخلية. فيما يتكاثر النحل حول الخلية بشكل يثير الاهتمام.
خروج الملكة العذراء للتلقيح
وحين تخرج الملكة العذراء للتلقيح، يتبعها أكبر عدد ممكن من الذكور، إن لم يكونوا جميعاً. كما تخرج معها آلاف العاملات التي تطير عن شمالها ويمينها وفوقها بشكل يلفت النظر والدهشة. ويكون الطيران سريعًا جدًا، يرافقه صفير موسيقي يسمع عن بعد ثلاثين مترًا من الطرد. وتصدره الملكة من فمها، فيما تقوم أجنحتها بإصدار صوت آخر يرافق ذلك الصفير وينغمه.
موت الذكور
بعد هذا الطيران السريع تبدأ الذكور بالتساقط واحدًا تلو الآخر، ومجموعة تلو مجموعة. وقد يرجع السبب في موت هذه الذكور إلى كبر حجمها، وثقل جسدها، وعدم تعوّدها على مثل هذا الطيران المرهق. فيما يتمكن أحد هذه الذكور من اللحاق بالملكة العذراء، وتلقيحها أثناء الطيران، وفي الهواء الطلق. لتنفصل أعضاءه الجنسية بالكامل عن جسده، فيسقط أرضًا، ويموت تدريجيًا.
عودة الملكة الملقحة
لتعود الملكة في حفل بهيج يصنعه العاملات أثناء طيرانها وذلك بتشكيل من أجسادها يشبه التاج. وقد لا تعود الملكة هذه إلى الخلية التي خرجت منها فتحط على غصن شجرة أو في كهف أو على أعواد بعض العرائش. فتحيط بها العاملات من كل جانب، ويلتففن حولها في تكثّف يشبه عنقود عنب ضخم. ثم تقوم العاملات بإزالة البقايا الناتجة عن عملية التلقيح وتنظيف جسد الملكة حتى من ذرات الغبار أو شعيرات جسد الذكر الذي قام بعملية التلقيح.
إذا عادت الملكة الملقحة إلى خليتها التي خرجت منها، فإن الاستعداد لوضع البيض سيكون أقل مشقة للعاملات. أما إذا حطَّت على غصن شجرة أو كهف أو عريش فإن مهمة صناعة البيوت الشمعية ستبدأ في الحال. لأن الملكة سوف تبدأ بوضع البيض بعد يومين أو ثلاثة من عودتها من التلقيح. الذي اختزنت خلاله كيس الذكر المنوي اللازم لتلقيح ما تضعه من بيض أثناء مروره عليه من المبيض.
وضع البيض
تبدأ الملكة بوضع البيض في البرواز الأوسط، وتبدأ في العادة من منتصف البرواز ثم يمتد تدريجيًا إلى الأطراف. وتشترط السلامة في جدران هذا البيت وخلوه من الأوساخ. كما تشترط على العاملات أن يكون بالارتفاع المناسب، وإلا امتنعت عن وضع البيض فيه، وغادرته إلى مكان آخر في نفس القرص لتعود إليه بعد ساعات وقد تم ترقيعه، أو تنظيفه، أو رفع جدرانه إلى الحد المطلوب.
والجدير بالذكر أن هذه الملكة تستطيع أن تضع ما يقارب الألفين وخمسمائة بيضة في اليوم الواحد في فصل الربيع، أي بما يزيد عن وزنها بالكامل.
No Comment! Be the first one.